سورة طه - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


قوله عز وجل: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} أي اخترتك واصطفيتك لوحيي ورسالتي، يعني لتنصرف على إرادتي ومحبتي، وذلك أن قيامه بأداء الرسالة تصرف على إرادة الله ومحبته.
قال الزجاج: اخترتك لأمري وجعلتك القائم بحجتي والمخاطب بيني وبين خلقي، كأني الذي أقمت بك عليهم الحجة وخاطبتهم. {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي} بدلائلي، وقال ابن عباس: يعني الآيات التسع التي بعث بها موسى {وَلا تَنِيَا} لا تضعفا، وقال السدي: لا تفترا. وقال محمد بن كعب: لا تقصرا {فِي ذِكْرِي} {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} قرأ أبو عمرو، وأهل الحجاز: {لنفسي اذهب}، {وذكري اذهبا}، و{إن قومي اتخذوا} [الفرقان- 30]، {من بعدي اسمه} [الصف- 6] بفتح الياء فيهن، ووافقهم أبو بكر: {من بعدي اسمه}، وقرأ الباقون بإسكانها. {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا} يقول: دارياه وارفقا معه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تعنفا في قولكما.
وقال السدي وعكرمة: كنياه فقولا يا أبا العباس، وقيل: يا أبا الوليد.
وقال مقاتل: يعني القول اللين: {هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى} [النازعات- 18، 19].
وقيل: أمر باللطافة في القول لما له من حق التربية.
وقال السدي: القول اللين: أن موسى أتاه ووعده على قبول الإيمان شبابا لا يهرم، وملكا لا ينزع منه إلا بالموت، وتبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته، وإذا مات دخل الجنة، فأعجبه ذلك وكان لا يقطع أمرا دون هامان، وكان غائبا فلما قدم أخبره بالذي دعاه إليه موسى، وقال أردت أن أقبل منه، فقال له هامان: كنت أرى أن لك عقلا ورأيا، أنت رب، تريد أن تكون مربوبا؟ وأنت تعبد تريد أن تعبد؟ فقلبه عن رأيه.
وكان هارون يومئذ بمصر، فأمر الله موسى أن يأتي هارون وأوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى، فتلقاه إلى مرحلة، وأخبره بما أوحي إليه.
{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} أي: يتعظ ويخاف فيسلم.
فإن قيل: كيف قال: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} وقد سبق علمه أنه لا يتذكر ولا يسلم؟.
قيل: معناه اذهبا على رجاء منكما وطمع، وقضاء الله وراء أمركما.
وقال الحسين بن الفضل: هو ينصرف إلى غير فرعون، مجازه: لعله يتذكر متذكر، ويخشى خاش إذا رأى بري وألطافي بمن خلقته وأنعمت عليه ثم ادعى الربوبية.
وقال أبو بكر محمد بن عمر الوراق: {لعل} من الله واجب ولقد تذكر فرعون وخشي حين لم تنفعه الذكرى والخشية، وذلك حين ألجمه الغرق، قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين.
وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ هذه الآية: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا} فبكى يحيى، وقال: إلهي هذا رفقك بمن يقول أنا الإله، فكيف رفقك بمن يقول أنت الإله؟!.


{قَالا} يعني موسى وهارون: {رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعجل علينا بالقتل والعقوبة، يقال: فرط عليه فلان إذا عجل بمكروه، وفرط منه أمر أي بدر وسبق، {أَوْ أَنْ يَطْغَى} أي يجاوز الحد في الإساءة إلينا.


{قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} قال ابن عباس: أسمع دعاءكما فأجيبه، وأرى ما يراد بكما فأمنعه، لست بغافل عنكما، فلا تهتما. {فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ} أرسلنا إليك، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: خل عنهم وأطلقهم من أعمالك، {وَلا تُعَذِّبْهُمْ} لا تتعبهم في العمل. وكان فرعون يستعملهم في الأعمال الشاقة، {قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ} قال فرعون: وما هي؟ فأخرج يده، لها شعاع كشعاع الشمس، {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} ليس المراد منه التحية، إنما معناه سلم من عذاب الله من أسلم. {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} إنما يعذب الله من كذب بما جئنا به وأعرض عنه. {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} من إلهكما الذي أرسلكما؟. {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} قال الحسن وقتادة: أعطى كل شيء صلاحه، وهداه لما يصلحه.
وقال مجاهد: أعطى كل شيء صورته، لم يجعل خلق الإنسان كخلق البهائم، ولا خلق البهائم كخلق الإنسان، ثم هداه إلى منافعه من المطعم والمشرب والمنكح.
وقال الضحاك: {أعطى كل شيء خلقه}: يعني اليد للبطش، والرجل للمشي، واللسان للنطق، والعين للنظر، والأذن للسمع.
وقال سعيد بن جبير: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} يعني زوج، للإنسان المرأة، وللبعير الناقة، وللحمار الأتان، وللفرس الرمكة. {ثُمَّ هَدَى} أي: ألهمه كيف يأتي الذكر الأنثى.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8